بقلم :  المستشار خالد السيد مساعد رئيس حزب مصر المصريين للشؤون القانونية

 

 

تعد المسائل التي لا يجوز فيها التحكيم من المسائل بالغة الاهمية عند الحديث عن التحكيم بكافة انواعه سواء تحكيم وطني او اجنبي حيث نصت العديد من القوانين والأنظمة العربية والدولية في معظم بلدان العالم على بعض المسائل الخارجة عن ولاية التحكيم.

 

 خاصة فيما يتعلق بالنظام العام والجنسية والمنازعات الإدارية والجزائية والمنازعات الضريبية والمنازعات المتعلقة بقوانين مكافحة الاحتكار والمنازعات بين العمال وأرباب العمل بشأن تطبيق الأحكام الخاصة بالتأمين الاجتماعي وإصابات العمل وأمراض المهنة والنزاعات المتصلة بقوانين تتعلق بتحديد الأثمان والتداول الجبري والصرف والتجارة الخارجية والمنازعات المتعلقة بإجراءات التنفيذ جبراً والميراث والأحوال الشخصية والحدود واللعان وفسخ عقود النكاح ورد القضاة ومخاصمتهم وسائر المسائل التي لا يجوز فيها الصلح كالحدود واللعان بين الزوجين.

 

وهناك مسائل متعلقة بالاشخاص وحقوق الله تعالى الخالصة مثل حد الزنا وكذلك الحقوق التي يجتمع فيها حق لله تعالى وحق للعبد كحد القذف.

 

كما لايجوز اللجوء الى التحكيم في اللعان بين الزوجين ولا في تحديد اهلية شخص معين. -وقد حدد الفقهاءالعديد من المسائل التي لايجوز فيها التحكيم بل ووضعوا لذلك ضوابط ثابتة وراسخة مفادها ان كل مايصح فيه العفو والاجراء يصح فيه التحكيم ولايجوز التحكيم في الامور القطعية لانه لامجال للاجتهاد مع ثبوت حكم المسألة شرعاً.

 

فجميع مسائل الاحوال الشخصية، دون اثارها المالية، وكل المسائل الجنائية، دون اثارها المالية، لايجوز فيها التحكيم لانها متعلقة بالنظام العام من الناحية الموضوعية ومن ثم لايجوز فيها الصلح . -كما يظهر الواقع العملي إلى استبعاد التحكيم في بعض المنازعات تتعلق بالمصلحة العامة لأسباب تتعلق بتأمين المصلحة العامة من بين تلك المنازعات والمنازعات المتعلقة بالشركات والمتعلقة بالملكية الصناعية.

 

-وتضع بعض التشريعات الوطنية بعض المنازعات التي تخرج عن نظام التحكيم بطبيعتها الخاصة او لخطورتها واهميتها ومن ذلك منازعات العمل الجماعية والتي تم اخضاعها لقانون العمل المصري رقم (12) لسنة 2003 وذلك لتنظيم اجرائي معين وخاص.

 

 كما اتجهت بعض الدول إلى حظر التحكيم للمسائل المتصلة بالحقوق السياسية : مثل حق الانتخاب وحق الترشيح وحريات الرأي والصحافة وغيرها .

 

ولكن يجوز أيضا التحكيم بشأن التعويض عن الإساءة إلى إحدى هذه الحريات . وعلى الرغم من التطور الهائل الذي يشهده العالم اقتصادياً وتجارياً والكترونياً في ظل نظام العولمة واتفاقية الجات وتشابك وتداخل المصالح.

 

 إلا أن ما زالت بعض القوانين العربية والأنظمة ترى عدم جواز التحكيم في بعض المسائل المتعلقة بالنظام العام والنظام الجنائي والأحوال الشخصية والسيادة والجنسية وبعض الأمور ذات الطابع التجاري.

 

وإن كانت لجأت بعض الدول حديثاً إلى إقرار جواز التحكيم في بعض المسائل السيادية ذات الطابع التجاري لما يحقق لها النفع لكنها اشترطت الموافقة المسبقة من الجهات العليا للدولة قبل إدراج شرط التحكيم كوسيلة لتسوية وفض المنازعات مستقبلاً في العقود التي تبرمها هذه الدول في مجال نشاطها الاقتصادي.

 

وإذا كان المشرع قد قام بسن قوانين للتحكيم سواء كقانون مستقل أو تم إدراجه مع القانون المدني والتجاريويسمح بتعايش قانون التحكيم مع النظام القضائي للدولة

فإن هذا التعايش ما زال خاضعاً للشروط التي يمليها القانون الوطني والذي ما زال يؤكد حتمية خضوع حكم التحكيم لرقابة القضاء هذا فضلاً عن رفع ولاية التحكيم عن بعض المسائل.